خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح

المدونات

خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح

نزل أول راتب، وأحسست أنك بدأت الحياة فعليًا؟ تفتح الجوال، ترى إشعار البنك:
“تم إيداع الراتب: 6,780 ريال”.

وتبدأ الرغبات بالتزاحم: هاتف جديد، عزيمة عائلية، هدية للأم، وساعة تبدو في نظرك إشارة على بداية مرحلة جديدة.

استلمت أول راتب؟ لا تبدأ حياتك المالية بخطأ يكلفك سنوات. هذا المقال يرشدك خطوة بخطوة لبناء وعي مالي من أول ريال.

خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح، خير من ألف خطوة عشوائية

كثير من الشباب يبدأ رحلته المهنية بفرح غامر. يريد أن يعوّض نفسه، يُرضي والديه، ويُفاجئ أصدقاءه بهدية أو عزيمة. فجأة يشتري هاتفًا جديدًا، وربما يبدأ بالتفكير في قرض سيارة. وللأسف، يختفي الراتب خلال أسبوعين، ويبقى باقي الشهر مجرد انتظار.

لحظة أول راتب لحظة سعيدة، بلا شك. لكنها ليست لحظة انطلاق، بل أول اختبار وعي. أول حجر في طريقك المالي، إما أن يثبت، أو أن ينهار مع أول خطأ.

معظم الشباب يربط الراتب الأول بالمكافأة، أما من يتصرّف بذكاء، فيربطه بالتأسيس. وما بعد أول راتب… يظهر كل شيء.


لا تبدأ حياتك بقرض

من أكثر الأخطاء التي يقع فيها الموظفون الجدد هي استعجال القروض والالتزامات طويلة المدى. يربط بعضهم أول راتب بالحصول على سيارة جديدة أو فخمة، أو بأقساط لمنتجات وأجهزة تتجاوز حاجاتهم الفعلية.

هذه القرارات لا تعكس نجاحًا ولا نضجًا، بل قد تكون أول خطوة في سلسلة ضغوط مالية تستمر لسنوات. تأجيل الرغبات الكبيرة، ولو مؤقتًا، ليس ضعفًا، بل وعي. حياتك المالية لا تبدأ من البنك، بل من الوعي المالي وقرارك أن تؤجّل ما ترغب به الآن، مقابل أن تعيش براحة لاحقًا، ولتحصل على ما تحتاجه مستقبلًا دون ديون.


لا تشتري أولًا، خطط أولًا

من الطبيعي أن تكون لديك رغبات كثيرة مع أول راتب، لكن غير الطبيعي أن تضع المال قبل التفكير. قبل أن تنفق، فكّر.

لذلك قبل أن تقرر صرف ريال واحد من أول راتب، خصص وقتًا بسيطًا للتخطيط. اجلس مع نفسك بهدوء، واكتب ما يلي: كم أحتاج فعليًا هذا الشهر؟ هل هناك التزامات متكررة؟ هل يمكنني ادخار شيء؟ هل لديّ صندوق طوارئ؟

من دون هذه الأسئلة، ستنفق الراتب بناء على الشعور لا على الحاجة. وستكتشف لاحقًا أن المال انتهى، رغم أنك لم تشترِ شيئًا مهمًا.

كل ريال لا تُعطيه وظيفة واضحة، سيفلت من بين يديك. كل ريال تنفقه وأنت سعيد اليوم،  قد تبكي عليه نهاية الشهر، فالقرارات العاطفية في الشراء غالبًا ما تنتهي بالندم. أما الشراء المخطط، فهو استثمار راح بالك ومالك في آن واحد.

حينما ترغب بشراء شيء جديد؟
اكتبه على ورقة، وارجع لها بعد 48 ساعة. إذا اكتشفت أنك ما زلت ترغب به فكر، ثم قرر.


اصنع عادة مالية من أول خطوة

الراتب الأول فرصة عظيمة لتأسيس عادة مالية وسلوك مالي يدوم. فلا تنتظر أن “يتبقى” من الراتب شيء لتدّخره، بل ابدأ بالادخار أولًا، واجعل ما تبقى لما تبقّى من الشهر.

 خصص مبلغًا ثابتًا للادخار، مهما كان بسيطًا. لا تنتظر حتى “يتبقى” شيء، بل ضع الادخار في البداية، قبل كل شيء. واجعل الطوارئ جزءًا من خطتك الشهرية، لا حدثًا مفاجئًا يعطّلك، حتى لو لم تكن هناك طوارئ حاليًا، هو نوع من التفكير الوقائي الذي يحميك من القرارات المتهورة مستقبلاً.

قسّم راتبك حسب ظروفك، لكن كن واضحًا مع نفسك:
ما الذي أصرفه لأنني أحتاجه فعلًا؟
وما الذي أصرفه فقط لأنني أستطيع الآن؟

قسّم راتبك إلى فئات: احتياجات أساسية، ادخار، ترفيه محدود، وتطوير ذاتي. لا تضع كل مالك في خانة واحدة، فذلك أول طريق التشتت المالي.

هذه الأسئلة تصنع الفرق بين موظف يُدير راتبه، وآخر يُطارده راتبه، فالادخار، حتى لو كان مبلغًا صغيرًا، هو بناء لعادة.

مفاهيم يجب أن تصاحبك منذ الوظيفة الأولى

منذ الراتب الأول، هناك مفاهيم من الضروري أن تصبح جزءًا من تفكيرك اليومي:

  • الوعي المالي لا يتعلق بحجم الراتب، بل بطريقة التعامل معه.
  • الادخار ليس رفاهية، بل أمان. 
  • المشتريات الكبيرة تنتظر، والرغبات الفورية ليست أولوية. 
  • صندوق الطوارئ ليس خيارًا إضافيًا، بل ضرورة، ويعد أول خطوة ذكية
  • الكرم جميل، لكنه لا يعني أن تضغط على نفسك لتُرضي الآخرين.

——————————

كيف تقسّم راتبك بوعي؟

لا تتعامل مع الراتب ككتلة واحدة تُصرف حسب المزاج، بل تعامَل معه كمجموعة أجزاء لكلٍ منها هدف واضح. من الطرق البسيطة والفعّالة: تقسيم الراتب إلى أربع فئات رئيسية، تضمن لك توازنًا بين الاحتياجات، والاستقرار، والتطوّر.

ابدأ بتخصيص نحو 50% من الراتب للمصاريف الأساسية، مثل السكن، المواصلات، الطعام، والفواتير.
ثم اجعل 20% مخصصة للادخار، وبالأخص للطوارئ، فهو خط الدفاع الأول لأي ظرف غير متوقع.
خصص بعد ذلك 20% للترفيه والهدايا والمجاملات الاجتماعية، فهذا جزء مهم من الراحة النفسية واستمرارية العطاء دون إحساس بالذنب.
وأخيرًا، اجعل 10% مخصصة للتطوير الذاتي، سواءً بدورات تدريبية، أو كتب، أو أدوات تُحسّن من مهاراتك وقدرتك على النمو المهني.

قد تختلف النسب قليلًا بحسب ظروفك، لكن الفكرة الجوهرية هي: كل ريال تعرف أين يذهب ولماذا. هكذا تُبني عادة مالية تُرافقك لسنوات، وتمنحك وعيًا أعلى من اللحظة الأولى.

أول راتب مثل أول حجر في أساس بيتك المالي. إذا كان مائلا، سيقط كل شيئ.

جدول مساعد لتقسيم الراتب إلى 4 أقسام:

القسمالنسبة المقترحةمثال لراتب 6,000 ريال
مصاريف أساسية50%3,000 ريال
ادخار للطوارئ20%1,200 ريال
ترفيه + هدايا20%1,200 ريال
تطوير ذاتي10%600 ريال

لا تكرر خطأ من سبقك

كثير من الشباب يبدأ بالطريقة نفسها: فرح، حماس، فوضى مالية وصرف غير منضبط، دوامة قروض وديون، ثم محاولة للترميم. الفرق بين من يتجاوز هذه المرحلة ومن يبقى عالقًا فيها هو: الوعي المالي ثم الإدارة المالية، ومن بدأ بعادة، ومن بدأ بعشوائية.

لا تبدأ مثلهم، بل تعلم من تجاربهم ولا تنتظر أن تتعلّم بعد الخطأ، تعلّم قبل أن تقع فيه.
ابدأ بتسجيل مصروفاتك، حتى الصغيرة منها. دوّن عاداتك الاستهلاكية، ولاحظ ما يمكن الاستغناء عنه. واسأل نفسك دائمًا: هل هذا يُقرّبني من هدفي، أم يشتّتني عنه؟

الراتب الأول لن يغيّر حياتك، لكن الطريقة التي تتعامل بها معه قد تغيّر كل شيء.

الختام: لا تنبهر بل انتبه فأول راتب ليس مكافأة، بل بداية

الراتب الأول لا يعبّر عن النجاح، بل يختبره. وهو ليس لحظة استعراض، بل لحظة تأسيس. وليس موعدًا للإنفاق الفوري، بل فرصة لبناء سلوك طويل الأمد.

ما ستفعله اليوم سيصبح غدًا عادة، وما تتجنّبه الآن قد يكون سببًا في استقرارك لاحقًا.

تصرّف بعقل. ابدأ صغيرًا. واكسب من أول راتبك عادةً تبقى معك للأبد. فأول راتب ليس أكبر مما يبدو، لكنه أهم مما تتخيل

وصف الميتا

هل استلمت أول راتب ولا تعرف من أين تبدأ؟ هذا الدليل العملي يوضح لك كيف تتعامل مع أول راتب بوعي، وتتجنّب القروض والعثرات، وتبني عادة مالية تدوم. اقرأ الآن واكسب من أول ريال عادة تغيّر مستقبلك.

شارك المقالة الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Strong Testimonials form submission spinner.
rating fields